للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: ٢٢]، وأخبر رسوله عنه بمقْتِه للجالس على الخلاء كاشفًا عورتَه يناجي مَن هو كذلك (١).

ولم يقتصر على مقْتِ مَن قال ما لا يفعل، بل جعله مقتًا كبيرًا؛ ليدلَّ عبادَه على أنه يمقُتُ منهم أشدَّ المقت مخالفةَ أقوالهم لأفعالهم، وظواهرهم لبواطنهم، وسرائرهم لعلانياتهم، وأنَّ بُغضَه لهذا منهم وكراهتَه لهم أشدُّ من بُغضه للمعاصي والذنوب الظاهرة.

ولهذا اشتدَّ نكيرُ السلف الصالح للحِيَل التي يُتوصَّلُ بها إلى استحلال ما حرَّم الله تعالى وإسقاط ما أوجبَه، وجعلوها من جنس الخداع والنفاق (٢)، وقالوا: إنَّ ارتكاب الحرامِ على وجهه أسهلُ منها؛ فإنَّ صاحبَها يقول ما لا يفعلُ، ويُظهرُ خلافَ ما يُبطِنُ، ويُعلِنُ شيئًا ويُسِرُّ خلافَه، فمقتُهُ عند الله أكبر من مقْتِ مرتكب الحرام على وجهه صريحًا.


(١) أخرجه أحمد (١١٣١٠) وأبو داود (١٥) والنسائي في "الكبرى" (٣٣) والبيهقي (١/ ٩٩، ١٠٠) من حديث أبي سعيد الخدري. وفي إسناده ضعف واضطراب، انظر تعليق المحققين على "المسند". ومع ذلك صححه الحاكم في "المستدرك" (١/ ١٥٧). ويشهد للنهي عن كشف العورات قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" أخرجه مسلم (٣٣٨) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) انظر كلام المؤلف في هذا الموضوع في "أعلام الموقعين" (٤/ ٤٤ وما بعدها)، وكلام شيخه في "بيان الدليل على إبطال التحليل" (ص ٢٦ وما بعدها).