للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نوعًا من السماع فيُدرِجون فيها سماعَ المكاء والتصدية، ويجيئون إلى المعاني [١٠٨ ب] التي دلَّت على الإباحة أو الاستحباب في نوع من الأصوات والسماع، فيجعلونها دالةً على نوع يُضادُّها. وهذا جمعٌ بين ما فرَّق الله ورسوله بينه، بمنزلة من قاس الربا على البيع، والسفاح على النكاح، ونظائر ذلك من الأقيسة الباطلة التي عُبِدَتْ بنظائرها الشمسُ والقمر، وجعلَ أربابُها لله أندادًا سَوَّوهم برب العالمين.

وكذلك من عَدَلَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرًا يطيعه في كل ما أمر، أو عدلَ بكلام الله كلامًا آخر أو بشرعِه شرعًا آخر، فهذا كله من أصول الشرك والضلال. وهذا مقامٌ ينبغي لمن نصحَ نفسَه وعَمِلَ لمعاده تدبُّره والتوقفُ فيه، فإنَّه ما بُدِّلتِ الأديانُ في سالف الأزمنة وهَلُمَّ جرًّا إلا بمثل هذه المقاييس، فمن عَمَدَ إلى كلام الله الذي أنزله وأمر باستماعه، فعَدَلَ به سماعَ بعض الأشعار وآثره عليه، وأخذ ذوقَه ومواجيدَه وصلاحَ قلبه منه، فهو ممن اتخذ من دون الله أندادًا يحبهم كحبّ الله، والذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله.

ويا عجبًا لمن ذاق طعم الإيمان كيف يَعدِلُ بالكلام الذي فَضْله على غيره كفضل الله على خلقه (١)، وبالكلام الذي ما تقرَّب العباد إلى الله


(١) ورد في حديث أخرجه الترمذي (٢٩٢٦) عن أبي سعيد، وقال: "هذا حديث حسن غريب". وفي إسناده محمد بن الحسن بن أبي يزيد وعطية العوفي، وكلاهما ضعيف. قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن ليس بالقوي. انظر "العلل" (١٧٣٨) والسلسلة الضعيفة (١٣٣٥).