للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين، فإن عند المسلمين من وازعِ الإيمان والعوض بالقرآن ما ليس عندهم، فأي حمدٍ لهذه النعم بذلك إن لم يستعمل في طاعة الله؟

وقولك: إن الله ذمَّ الصوت الفظيع، فغلطٌ بيِّن، فإن الله سبحانه لا يذمُّ العبد على ما ليس من كسبه وفعله، كما لا يذمُّه على دَمامتِه وقُبْح (١) شكله، وإنما يذمُّ العبد (٢) بأفعاله الاختيارية دون ما لا اختيار له فيه. وإنما ذمَّ سبحانه ما يكون باختيار العبد من رفع الصوت الرفيع المنكر، كما يوجد ذلك في أهل الغِلَظ والجفاء من الفدَّادين والصخَّابين بالأسواق، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الجفاء والغِلَظُ وقسوةُ القلب في الفدَّادين من أهل الوبر" (٣). وهم الصياحون صياحًا منكرًا. وفي صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس بفَظٍّ ولا غليظٍ ولا صخَّابٍ في الأسواق" (٤).

وقال تعالى عن لقمان في وصيته لابنه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٩]، فأمره أن يَغُضَّ من صوته وأن يَقصِدَ في مشيه، كما أمر المؤمنين أن يغضُّوا من أبصارهم، وأصحابُ السماع لا هذا ولا هذا ولا هذا، بل إطلاق البصر ورفع الأصوات (٥) والرقص.


(١) تكررت "وقبح" في الأصل.
(٢) "العبد" ليست في ع.
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٩٨) ومسلم (٥١) عن أبي مسعود.
(٤) أخرجه البخاري (٤٨٣٨) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: في التوراة ...
(٥) ع: "الصوت".