للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: ٨٧]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للنفر الذين قال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم ولا أفتر، وقال الآخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، وقال الآخر: أما أنا فلا آكل اللحم [١٠٧ ب] فقال: "لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكلُ اللحمَ، فمن رَغِبَ عن سنتي فليس مني" (١).

والعمل لا يُمدح أو يُذَمّ بمجرد اشتماله على اللذة وعدمها، بل إنما يمدح منه ما كان للهِ أطوعَ، ولعامله في الدارين أنفعَ، سواء كان فيه لذة أو مشقة، فكم من لذيذ هو طاعة ومنفعة، وكم من مُشِقّ هو معصية ومضرة وبالعكس. والمناسب أن يُستدل بهذا على تحسين الصوت بالقرآن لا على تحسينه بالغناء، فإن الاستعانة بجنس اللذات على الطاعات والقربات مما جاءت به الشريعة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: ١٧٢].

وفي الصحيح (٢): "إن الله ليرضَى عن العبد يأكل الأَكْلةَ يحمده عليها، ويشرب الشَّربةَ يحمده عليها". فيرضى عمن استعان باللذات


(١) أخرجه البخاري (٥٠٦٣) ومسلم (١٤٠١) عن أنس بن مالك.
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٣٤) عن أنس بن مالك.