للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على شكره وحمده، ولذلك (١) جعل في مجامعة الرجل لأهله أجرًا وقربةً لاستعانته بهذه اللذة على العفة (٢)، والله سبحانه خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا وتمامها، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة به، وهي من نِعَمه علينا، إذ بها بقاء نفوسنا وقوانا، لنستعملها في طاعته ونتقوى بها على مرضاته، وخلق فينا شهوة النكاح ولذته وهي من نعمه علينا، إذ بها تكثير (٣) النسل الذي يكون منه من يذكر الله ويعبده، فإذا استعملنا هذه القوى (٤) فيما يحبه الله (٥) ويرضاه كان ذلك سعادتنا في الدنيا والآخرة، وكنا من الذين أنعم الله عليهم، وإن استعملناها فيما حرم علينا كنا ظالمين معتدين.

والله سبحانه خلق الصوت الحسن، وجعل النفوس تحبُّه وتلتذ به، فإذا استعنّا بذلك على استماع ما أمرنا باستماعه وهو كلامه، وحسَّنَّا أصواتنا بتلاوته [١٨٠ أ] كما أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم -، كنا ممن استعمل نِعَمَه في طاعته (٦)، كما كان الصحابة يأمرون أبا موسى أن يُسمِعَهم كلام


(١) ع: "وكذلك".
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (١٠٠٦) عن أبي ذر، و فيه: "وفي بضع أحدكم صدقة"، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وِزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ".
(٣) ع: "يكثر".
(٤) في الأصل: "القوة".
(٥) لفظ الجلالة ليس في ع.
(٦) في الأصل: "طاعاته".