للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تدبره، وبشَّر من استمعه واتّبع أحسنَه، وأخبر أنه وصَّلَه ليتذكر به، وأخبر أن مَن لم يتدبره فقلبه من القلوب التي عليها أقفالها، فما لأقوال المغنين والمغنيات وهذا الشأن؟

ثمّ أعاد سبحانه ذكر القرآن في قوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: ٣٣]، قال البخاري في صحيحه (١) عن مجاهد قال: الذي جاء بالصدق: القرآن، وصدَّق به: المؤمنُ، يجيء يوم القيامة يقول: هذا الذي أعطيتَني عملتُ بما فيه.

فذكر سبحانه الصادق (٢) والمصدِّق به مُثنِيًا عليهما (٣)، ثم ذكر ضدَّهما وهما الكاذب والمكذِّب بالحق، وهما نوعان ملعونان من القول، أعني الكذب والتكذيب بالحق، فكيف يكون مَن استمعهما ممدوحًا مستحقًّا للثناء؟

ولا ريبَ أن البدع القولية والسماعية المخالفة لما بعث الله (٤) به رسوله من الهدى ودين الحق تتضمن أصلين (٥): الكذب على الله، والتكذيب بالحق، بل الانتصار لما خالف ذلك سواء كان سماعًا أو


(١) ٨/ ٥٤٧ (مع الفتح).
(٢) في النسختين: "الصدق". والمثبت يقتضيه السياق.
(٣) في النسختين: "عليه".
(٤) لفظ الجلالة ليس في ع.
(٥) ع: "الأصلين".