للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: ١٨ - ١٩].

فالشريعة التي جعله ربه عليها تتضمن ما أمره به ورضيه له، وكل عمل وحب وذوق ووجد وحال لا تشهد له هذه الشريعة التي جعله عليها فباطل وضلال، وهو من أهواء الذين لا يعلمون، فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه دينًا، وينهى عما يُبغِضه ويذمّه إلا بهُدًى من الله، وهو شريعته التي جعل عليها رسوله، وأمره والمؤمنين باتباعها. ولهذا كان السلف يسمون كل من خرج عن الشريعة في شيء من الدين من أهل الأهواء، ويجعلون أهل البدع هم أهل الأهواء، فيذمُّونهم بذلك ويحذّرون عنهم، ولو ظهر عنهم ما ظهر من العلم والعبادة والزهد والفقر والأحوال والخوارق.

قال يونس بن عبد الأعلى (١): قلت للشافعي: تدري ما قال صاحبنا؟ يريد الليث بن سعد، كان يقول: [٧٩ أ] لو رأيته ــ يريد صاحب البدعة ــ يمشي على الماء، لا تَثِقْ به ولا تعبَأْ به ولا تكلِّمْه، قال: قصَّر واللهِ. يريد أنَّ حاله أقبحُ من ذلك.

وقال أبو العالية (٢): تعلَّموا الإسلام والسنةَ، فإذا تعلّمتموه فلا


(١) انظر "آداب الشافعي ومناقبه" (ص ١٨٤) و"مناقب الشافعي" للبيهقي (١/ ٤٥٣).
(٢) أخرجه الآجري في "الشريعة" (١/ ٣٠٠) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (١/ ٥٦) وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢١٨) وغيرهم.