للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه الخُلَّةِ من المصالح والفوائد ما لا يُعَدُّ:

ولو لم يكن فيها إلا سلامة قلبه من الغِلِّ والحقدِ، وعمارةِ بيت أفكاره بإيصال الشرِّ والأذى إلى عدوِّه (١)، فعيشُهُ أنكَدُ عيشٍ وأتعبُهُ، وقلبُهُ يَتَلَظَّى بجَمْرِ الغضب والتحسُّرِ على الانتقام، وقد فاتَهُ حلاوةُ سلامة القلب ولذَّتُها ونعيمها.

ولو لم يكن فيها أيضًا إلا أن الجزاء من جنس العمل (٢)، فكما جازى إساءةَ مَن أساءَ إليه بإحسانِهِ مع تضرُّرِه بالإساءةِ، فالله عز وجل الذي لا يتضرَّرُ بإساءةِ العبدِ أولى أن يجازيَه بإساءتِهِ إحسانًا.

ومنها: حلاوة الظفر بنفسه وشيطانه، فإنَّه لما فاته ظفرُه بعدوِّه ظفَّرَه الله بنفسه وشيطانه، فلم يُطِعْهما في الانتقام، ولا نسبةَ بين حلاوة الظفرَينِ البتَّةَ، ومن لم يُصدِّق فليُجرِّب.

وأما شيطانُ الجنِّ فلا يمكن الإحسان إليه، فأمر بدفع شرِّه بالاستعاذة بالله منه.

ونظيرُ هذا ما ذكره في سورة الأعراف (٣) من دفع الشرَّين:


(١) لم يأتِ جواب "لو" وهو مفهوم، أي: لكان كافيًا.
(٢) الأمر هنا في جواب "لو" كما سبق.
(٣) في الآيتين [١٩٩ - ٢٠٠]: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.