للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذان القولان مُسندَان عن الجُنَيد، وما حَكَيتَهُ عنه فلم نَعْرِفُ إسنادَهُ، وهذانِ القولانِ أيضًا مُفَسَّرانِ، والقول الأوَّلُ مُجمل، فإن كان ما حَكَيتَهُ عنه محفوظًا فهو محتملٌ للسماع المشروع؛ فإنَّ الرحمة تنزلُ على أهلِهِ.

قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، فذكر سبحانه أنَّ استماعَ القرآنِ سببُ الرَّحمةِ، فالرَّحمةُ تنزلُ على أهل استماعِهِ.

وفي "الصحيح" (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ الله يتلونَ كتاب الله ويتدارسُونَه بينهم إلا غَشِيتْهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وحَفَّتْهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده".

وقد ذكر سبحانه وتعالى في غير موضعٍ من كتابِه أن الرحمةَ تحصُلُ بالقرآنِ، كقوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: ٨٢]. وقال: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢)} [الجاثية: ٢٠]. وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: ٨٩].


(١) رواه مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في النسخة: "يؤمنون".