للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستماع صوتها لغير حاجة حرامٌ (١) سدًّا للذريعة، وكذلك الخلوة بها.

ومحرمات الشريعة قسمان: قسم حرم لما فيه من المفسدة، وقسم حرم لأنَّه ذريعة إلى ما اشتمل على المفسدة.

فمن نظر إلى صورة هذا المحرَّم ولم ينظر إلى ما هو وسيلة إليه استشكل وجهَ تحريمه، وقال: أي مفسدة في النظر إلى صورة جميلة خلقها الله تعالى، وجعلها آيةً ودلالةً عليه؟ وأي مفسدة في صوت مطرب بآلة تؤديه، أو استماع كلام موزون بصوت حسن؟ وهل هذا إلا بمنزلة سماع أصوات الطيور المطربة، ورؤية (٢) الأزهار والمناظر المستحسنة من الأماكن المُعجِبة (٣) البناء، والأشجار والأنهار وغيرها؟

فيقال لهذا القائل: تحريم هذا النظر إلى الصور [٣٩ ب] وهذه الآلات المطربة من تمام حكمة الشارع، وكمال شريعته، ونصيحته للأمة (٤)، فإنَّه حرّم ما (٥) اشتمل على المفاسد، وما هو وسيلة وذريعة إليه، ولو أباح وسائل المفاسد مع تحريمها لكان تناقضًا يُنزَّه عنه، ولو أنَّ عاقلًا من العقلاء حرَّم مفسدة وأباح الوسيلة المفضية إليها، لعدَّه الناس سفيهًا متلاعبًا، وقالوا: إنَّه متناقض، وهل يمكن مَن شَمَّ رائحةَ الشريعة


(١) ع: "حرم".
(٢) "أو استماع ... ورؤية" ساقطة من ك.
(٣) ك: "المتعجبة".
(٤) ع: "لأمته".
(٥) "ما" ساقطة من ك.