وبهذه الثلاث يكون الدينُ كلُّه لله: فيكون وحدَه هو المعبود الذي يُبتغَى إليه الوسيلةُ، ويكون الفعلُ والترك موافقًا لأمرِهِ ونهيِهِ، وتكون الموالاةُ والمعاداةُ له وفيه.
فبتقواه تحصلُ النجاةُ من النار، وبابتغاء الوسيلةِ تُنالُ كرامتُهُ والقُربُ منه، وبالجهاد في سبيله يُرفَعُ إلى الدرجات العُلَى، والله المستعانُ.
وسمع قارئًا يقرأ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: ٢٧]، فقال: الدينُ كلُّه أمانةٌ، وعدم الدين كلُّه خيانةٌ، فالدين تحت لفظة الأمانة وحقيقتها، وعدمُ الدين تحتَ لفظةِ الخيانةِ وحقيقتها.
والخيانةُ ثلاثةُ أقسامٍ: خيانةُ الله، ورسوله وكتابه، وخيانة خَلقِهِ. فمن لم يؤدِّ الأمانة التي بينه وبين الله فقد خانَه، ومن لم يُطع رسولَه فيما أمرَ ويُصَدِّقْه فيما أخبر فقد خانه، ومن لم يأتِ إلى النَّاس ما يُحِبُّ أن يأتُوه إليه فقد خانَهم.
وأعظم الخيانة: خيانةُ الله تعالى في توحيده، وهذه الخيانةُ نوعانِ: خيانةٌ في توحيد المعرفة والاعتقاد، وخيانةٌ في توحيد الإرادة والمحبَّة.
والخيانةُ في توحيد المعرفة أيضًا نوعانِ:
أحدهما: أن ينفي عنه ما وصف به نفسه من كماله الذي يختصُّ به، فيجحَد ما وصف به نفسَه ووصَفَهُ به رسولُهُ، ويجعلَ ذلك تجسيمًا