للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزداد المحدَثُ من هذا السماع، ويكثر الحدَثُ فيه، ويزداد التغليظُ من أهل الإنكار، حتى آل الأمر إلى أنواع من التفرق والاختلاف والمعاداة. ومن ثبَّته (١) الله بالقول الثابت أعطى كلَّ ذي حق حقَّه، وحفظَ حدودَ الله فلم يَعتدِها (٢)، ومن يتعدَّ (٣) حدودَ الله فقد ظلم نفسه.

وحصلت الزيادةُ في جميع [٩٦ ب] أنواع البدع، وازدادت على الأيام تغليظًا، فإنَّ أصل سماع القصائد كان تلحينًا بإنشاد قصائد مُرقِّقة للقلوب، تتضمن تحريكَ المحبة والشوق، والخوف (٤) والخشية، والحزن والأسف وغير ذلك، وكانوا يشترطون له المكان والإمكان والخلَّان، ويشترطون أن يكون المجتمعون لهذا السماع من أهل الطريق المريدين لوجه الله والدار الآخرة، وأن يكون الشعر المسموع خاليًا عما تَحظُر الشريعةُ سماعَه وتكرهه، وبعضهم كان يشترط أن يكون القوَّال منهم، وبعضهم يشترط كون الذي أنشأ القصيدة من أهل الطريق، إلى غير ذلك من الشروط والأوضاع التي احترزوا بها من مُفسِدات السماع.

ولكن لما كان الأصل غيرَ مشروعٍ آل الأمرُ إلى ما آل إليه من الفساد الذي لا يعلمه إلا الله، لأنَّه من عند غير الله، فليس عليه حارسٌ


(١) ع: "يثبته".
(٢) "فلم يعتدها" ليست في ع.
(٣) في الأصل: "ولم يتعد".
(٤) "والخوف" ليست في الأصل.