للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الفسق، وذِكْرَ محاسنِ المعشوق ووصفها، وذِكْرَ طيبِ وصاله وعذاب هَجْره، ولو غنَّى المغَني بأشعار العفة والتخويف من عذاب الله والترغيب في العمل الصالح وذمِّ الفواحش، لاستسمجَه الحاضرون، واستثقلوه وتبرَّموا به، وقالوا: هذا مبتدع مخالف لسنّة الغناء، ونعم هو مخالف لسنّة الفساق.

الوجه الثاني عشر: أنه يتضمن من الصدِّ عن ذكر الله وعن الصلاة ما هو معلوم من شأنه، فإنَّ غالبَ زَبونه وفُرسانه لا يُصلُّون، ومَن صلَّى منهم فإنه من الذين: {إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ١٤٢].

ومن صلى منهم لله، فإن صلاته صلاة خَرْجية (١) خالية عما ذكرناه من ذوق الصلاة ومواجيدها وحقائقها، لأن قواه انصرفتْ إلى ذوق السماع، وصار شربه منه (٢) ووجده فيه، ولا يجتمع (٣) الذوقانِ والوَجْدانِ والحالتانِ (٤) في قلب واحد أبدًا، بل الأمر كما قيل:

سارتْ مُشرِّقةً وسِرْتُ مغرِّبًا ... شتَّانَ بينَ مشرِّقٍ ومُغرِّبِ (٥)


(١) نسبة إلى الخرج بمعنى الإتاوة أو الضريبة التي يؤديها الشخص وهو مكره.
(٢) "منه" ليست في الأصل.
(٣) ع: "يجمع".
(٤) في الأصل: "والحلاوتان".
(٥) البيت لأبي إسحاق الشيرازي في "طبقات الشافعية" للسبكي (٤/ ٢٢٨). وتقدم (ص ٦٨).