للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن يقال: هل هو غذاء للنفس أو غذاء للروح؟ وهذا كلامٌ معك على (١) أصلك، فإن ادَّعيتَ أنَّه غذاء للروح كانت دعوى مجردة، لا يمكنك تصحيحُها البتةَ، فإنَّ ما يجده صاحبه فيه (٢) من التغذية أمر معلوم، ولكن من أين له أنَّه (٣) غذاء لقلبه وروحه وليس غذاءً لنفسه؟

ثمَّ نتبرع لك بالدليل على أنَّه من أعظم أغذية النفس، فإنَّه محض حقها وحظها وشهوتها، وليس من الحق الواجب عليها المراد منها، وما هذا شأنه فهو مجرد حظ النفس وغذاؤها. وهذا بيِّن لمن له فُرقانٌ بين قُوتِ قلبه وروحه وقُوتِ نفسه. وقبيح بالسالك الصادق أن يُؤثِر حظَّ نفسه وإرادتها على حق ربه ومراده منه، حتى يفنى بحظه عن الحق الذي عليه، بل يبلغُ به تلبيسُ النفس والشيطان إلى أن يُصيِّر محضَ حظِّه [١٣٠ ب] وقُوتَ نفسه هو الطريق إلى الله، ويجعله طريقَ (٤) الخواص، وطريقةَ الأمر واتباع الرسول عنده طريقةَ العوام.

ولهذا جعل الجنيدُ الزاعمين أنهم يَصِلُون إلى الله بهذه الطريق واصلين إلى سَقَر (٥). وصدق فإنَّ الله لا يُوصَل (٦) إليه إلا من الطريق


(١) في الأصل: "إلى على".
(٢) في الأصل: "به".
(٣) "أنه" ليست في ع.
(٤) في الأصل: "الطريق".
(٥) سبق نحوه عن أبي علي الروذباري.
(٦) في الأصل: "يصل".