للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

* قال صاحب الغناء: كيف تُنكرون على قوم تَنْزِلُ عليهم الرحمة في سماعِهِم، ويأخُذُ كلٌّ منهم بنصيبِهِ منها، فذَكَرَ جعفرُ بن نُصير (١) عن الجُنَيد أنَّه قال: "تَنزِلُ الرحمةُ على الفقراء في ثلاثة مواضعَ: عندَ السماع؛ فإنهم لا يسمعون إلا عن حقٍّ، ولا يقومون إلا عن وَجدٍ. وعندَ أكلِ الطعام؛ فإنهم لا يأكلون إلا عن فاقَةٍ. وعندَ محاورة (٢) العلمِ؛ فإنَّهم لا يذكرون إلا صفةَ الأولياء".

* قال صاحب القرآن: هذا الكلام لم يُسنِده عن الجُنيد، فلا يُعرفُ صحَّتُه عنه، ونحن نُوجِدُك بالإسنادِ ما هو حُجَّةٌ عليك: قال أبو القاسم القُشيريُّ (٣): سمعتُ محمد بن الحسين يقول: سمعتُ الحسين بن أحمد بن جعفر يقول: سمعت أبا بكر بن مَمْشاذ يقول: سمعت الجُنيدَ يقول: السماعُ فتنةٌ لمن طَلَبَهُ، وترويحٌ لمن صادَفَهُ. ثم قال (٤): سمعتُ محمد بن الحسين يقول: سمعتُ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الرازيَّ يقول: سمعتُ الجُنيدَ يقول: إذا رأيتَ المُرِيدَ يُحِبُّ السماعَ فاعلم أنَّ فيه بقيَّةً من البطالة.


(١) ع: "نصر" خطأ. وقول الجنيد هذا في "الرسالة القشيرية" (٢/ ٥٠٩) و"اللمع" للسرّاج (ص ٣٤٣).
(٢) كذا في النسخة. وفي "الرسالة القشيرية": "مجاراة".
(٣) في "الرسالة القشيرية" (٢/ ٥٠٩). وتقدَّم قريبًا.
(٤) المصدر السابق (٢/ ٥١٣).