للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الصواب، لأن هذه الأمة شهداء الله في الأرض، وهم شهداء على الناس يوم القيامة، وهم خير أمةٍ أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلا بد أن تأمر بكل معروف وتنهى (١) عن كل منكر، فإذا كان فيها مَن يأمر بمنكر متأولًا، فلابد أن يقيم الله فيها (٢) مَن يأمر بذلك المعروف.

فأمّا الاحتجاج بفعل طائفة من الصديقين في مسألة نازعهم فيها مثلُهم أو أكثرُ منهم فباطل، بل لو كان المنازع لهم أقلَّ منهم عددًا وأدنى منزلةً، لم تكن الحجة مع أحدهما إلا بكتاب الله وسنّة [٩٥ أ] رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الأمة أُمِرَتْ بذلك، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩]. فإذا تنازع الأمراء والعلماء والزهّاد والعبّاد في شيء، فعليهم جميعهم أن يردُّوا ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله.

ومن المعلوم أن الصديقين الذين أباحوا بعض المسكرات، والصديقين الذين استحلُّوا نكاحَ المتعة، واستحلُّوا الصَّرفَ، و استحلُّوا نكاح التحليل، واستحلُّوا بعض المطاعم التي حرَّمها الشارع، واستحلُّوا قتالَ أهل القبلة، هم أسبقُ من هؤلاء وأكبر (٣) وخير منهم وأعلم بالله


(١) ع: "يأمر ... ينهى". وضمير المؤنث للأمة.
(٢) "فيها" ليست في ع.
(٣) ع: "وأكثر".