للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونَفْيهم، وقال: "أخرِجُوهم من بيوتكم" (١)، فكيف بمَن يُقرِّبهم ويُعظِّمهم ويتعبد قلبه بهم (٢)، ويجعلهم طواغيتَ يُعظَّمون بالباطل الذي حرَّمه الله ورسوله، وأمر بعقوبة أهله وإذلالهم؟ وهل هذا إلا مضادَّةٌ لله في أمره! وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حالتْ شفاعتُه دون حدّ من حدود الله، فقد ضَادَّ اللهَ في أمره" (٣).

فإذا كان هذا في الشفاعة بالكلام، فكيف بمَن يُعظِّم المعتدين لحدود (٤) الله ويُعِينهم على (٥) ذلك ويجعله دينًا؟

لاسيما إذا كان التعظيم بما هو من جنس الفواحش، فإن مَن يُعظِّم القيناتِ المغنيات والمغنّين ويجعل لهم نوعَ رئاسة وعزّ لأجل ما يستمتع [١٠٤ أ] به منهن من الغناء وغيره، فقد تعرض من غضب الله ومَقْتِه وسَلْبِ نِعَمِه عنه إلى أمر عظيم. وللّهِ كم زالت بهؤلاء نعمة عمَن أنعم الله عليه فما رعاها حقَّ رعايتها، وقد شاهد الناس من ذلك ما يطول وصفه، وما امتلأت دار من أصوات هؤلاء وألحانهم وأصوات معازفهم


(١) ضمن الحديث السابق.
(٢) ع: "لهم".
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٧٠) وأبو داود (٣٥٩٧) والبيهقي في السنن (٦/ ٨٢ و ٨/ ٣٣٢) عن ابن عمر. وصححه الحاكم (٢/ ٢٧)، ووافقه الذهبي. وروي موقوفًا، وهو أصح. انظر: علل ابن أبي حاتم (٢/ ١٨٣) وعلل الدارقطني (١٣/ ١٠٨).
(٤) ع: "بحدود".
(٥) في الأصل: "في".