للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمتي ما أخذَ الأمم قبلَها شِبرًا بشِبْر وذراعًا بذراع قالوا: فارس والروم؟ قال: "ومَنِ الناسُ إلا هؤلاء؟ " (١). وكما في الحديث الآخر: "لتركبُنَّ سَننَ من كان قبلَكم حذوَ القُذّةِ بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتموه قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: "فمَن؟ " (٢). والحديثان في الصحيح.

فأخبر أنه لا بدَّ من (٣) أن يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى وبفارس والروم، وظهور هذا الشبه في الطوائف إنما يعرفه من عرف الحقَّ وضدَّه، وعرف الواجب والواقع، وطابقَ [١٠٥ أ] بين هذا وهذا، ووازن بين ما عليه الناس اليوم وبين ما كان عليه السلف الصالح. فإذا كان رفع الصوت في مواطن العبادات بالذكر والدعاء الذي يحبه الله (٤) ويرضاه بدعةً مكروهة لا يتقرب بها إلى الله، فكيف يكون رفعُه بالغناء الذي هو قرآن الشيطان قربةً وطاعة؟ وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - صوتًا فاجرًا أحمق، ونهى عنه (٥).

الوجه الحادي عشر: أنه يأمر بعشق الصور الذي كرهه الله، وينهى عن العفة وغض البصر الذي أمر الله به، فإن الغناء يتضمن التحريضَ


(١) أخرجه البخاري (٧٣١٩) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٥٦، ٧٣٢٠)، ومسلم (٢٦٦٩) عن أبي سعيد الخدري.
(٣) "من" ليست في ع.
(٤) بعدها في ع: "ورسوله".
(٥) سبق تخريجه.