للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله يعلم أنَّا لم نتعدَّ وصفَهم، ويعلم أنهم كذلك.

وبالجملة، فمفاسد السماع من جنس مفاسد عشق الصور، وهي أكثر من أن يحصرها [١٠٥ ب] العدُّ، وإنما يشهدها القلب الحيُّ، وإلا فَـ

ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ (١)

فصل

*قال صاحب الغناء (٢): حسن الصوت مما أنعم الله به على صاحبه من الناس، قال تعالى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر: ١]، قيل في التفسير: إنه الصوت الحسن (٣). وذم الله تعالى الصوت الفظيع، فقال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٩].

*قال صاحب القرآن: كون الشيء نعمةً لا يقتضي إباحةَ استعماله فيما شاء المُنْعَم عليه، بل فيما أحب المُنْعِم به ورَضِيه فذلك شكر هذه النعمة التي يستوجب بها المزيدَ من شكرها، فيقيِّد بالشكرِ موجودَها، ويُحصِّل به مفقودها (٤)، فهذه النعمة تقتضي استعمالَ الصوت الحسن في قراءة القرآن، كما كان أبو موسى الأشعري يفعل ذلك، حتى كان


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر "الرسالة القشيرية" (ص ٥٠٧).
(٣) انظر "تفسير القرطبي" (١٤/ ٣٢٠) و"الدر المنثور" (١٢/ ٢٥١).
(٤) ع: "مقصودها".