للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشياطين في قلوب أهل (١) ذلك السماع ما يزدادون به نفاقًا وعصيانًا، حتى إن آثارَ الشياطين لتُوجَد على أهل هذا السماع، يراها كل صاحب بصيرةٍ في صفحات وجوههم، وفَلتاتِ ألسنتهم وحركاتهم وأحوالهم، حتى إن كثيرًا منهم ليَصْعَق كما يَصعَق المصروع، ويُزبِد كما يُزبِد المصروع، ويجري [١٠٠ أ] على لسانه من الكلام ما لا يُفهَم معناه ولا هو بلُغَته كما يجري للمصروعين، كما وُجِد ذلك في أقوام كانوا يتكلمون في سماعهم بلغات التتار الكفار (٢)، وذلك لتنزُّلِ شياطينِهم عليهم، وتَكلُّمِهم على ألسنتهم، وهم يظنون أنهم بذلك من أولياء الله، وإنما هم أولياء الشيطان وحزبُه، ولهذا يفعلونه على الوجه الذي يحبه الشيطان ويكرهه الرحمن. وذلك من وجوه:

أحدها: أن العبادات الشرعية مثل الصلاة والصيام والاعتكاف والحج، قد شُرِع فيها من مجانبة مباشرة النساء المباحة في غيرها ما هو من كمالها وتمامها، وأعظم ذلك الحج، فليس من محرمٍ يباشر فيه النساء (٣)، ولا (٤) ينظر إليهن لشهوة، والمعتكف قريب منه، والصائم دونه، والمصلي لا يُصَافُّ المرأة بل تتأخر عنه، بل مرورها بين يديه


(١) "أهل" ليست في ع.
(٢) ع: "والكفار".
(٣) "المباحة ... النساء" ساقطة من ع.
(٤) ع: "وأن لا".