للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل واحد إنما يسمع من حيث هو، كما يُحكى (١) أن عتبة الغلام سمع قائلًا يقول:

سبحانَ ربِّ السماء ... إن المحبَّ لفي عَناءِ (٢)

فقال عتبة: صدقتَ. وسمع رجل آخر ذلك القول، فقال: كذبت (٣). فكل منهما سمع على ما شاكل حاله.

وهذه هي التي يُسمِّيها القوم إشاراتٍ ومخاطباتٍ، فالمخاطبات من جنس دلالات الألفاظ، والإشارات من جنس دلالات القياس، وهذه يستعملها القوم كثيرًا فيما يرونه ويسمعونه، وبعضهم يغلو فيها غلوًّا مُفرِطًا، وكثير من الناس يَنبُو فهمُه عنها، والصواب فيها التوسط، وهي تصح بثلاثة شروط:

أحدها: أن يكون المعنى صحيحًا في نفسه.

الثاني: أن لا يكون في اللفظ ما يُضادُّه.

الثالث: أن يكون بينه وبين معنى اللفظ الذي وضع له قدرٌ مشترك يفهم بواسطته.


(١) ع: "حكي".
(٢) في "اللمع" للسراج (ص ٣٦٢) و"حلية الأولياء" (٦/ ٢٣٦): "جبار السماء"، وبه يستقيم الوزن، وإلّا فهو نثر.
(٣) انظر "الرسالة القشيرية" (ص ٥١٦).