للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كانت دلالة الإشارة مؤيَّدةً بهذه الأصول الثلاثة فهي إشارة صحيحة، ولنذكر لذلك أمثلة:

منها قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٧ - ٧٩]، فحقيقة هذا أنه لا يمسُّ محلَّه (١) إلا المطهَّرُ، وإشارته أنه لا يجد حلاوتَه ويذوق طعمَه ويُباشِر حقائقَه (٢) إلا القلبُ المطهَّر من الأنجاس والأدناس، وإلى هذا المعنى أشار البخاري في صحيحه (٣)، فهذه من أصح الإشارات.

ومنها قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: ١٣]، إشارة هذه الآية أن برَّ القلب يُوجِب نعيمَ الدنيا، {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} إشارة هذه الآية أن فجوره يوجب جحيمها، وهذا قد يقال: [١٢٢ أ] إنه مراد مع (٤) النعيم والجحيم الأكبرين، وقد يقال: إنه مفهوم بإشارة الآية وهو أظهر.

ومنها قوله عن نبيّه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠]، فمن أصح الإشارات إشارة هذه (٥) الآية، وهي أن


(١) في الأصل: "ملحة".
(٢) في النسختين: "حقائقه قلبه".
(٣) (١٣/ ٥٠٨) (مع الفتح) قال: "لا يمسُّه: لا يجد طعمه ونفعَه إلّا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقِّه إلّا الموقن".
(٤) ع: "من".
(٥) "هذه" ليست في ع.