للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به بقلبه وعمله وإن لم يصحبه ببدنه فإن الله معه.

ومنها قوله تعالى لرسوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: ٣٣]، فإشارة هذه الآية أن محبة الرسول وحقيقة ما جاء به إذا كان في القلب فإنّ الله لا يعذّبه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وإذا كان وجود الرسول في القلب مانعًا من تعذيبه فكيف بوجود الرب (١) تعالى في القلب؟ فهاتان إشارتان.

ومنها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١]، فدلالة لفظها أنه لا يغيِّر نِعَمَه التي أنعمها (٢) على عباده حتى يُغيِّروا طاعته بمعصيته، كما قال في الآية الأخرى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: ٥٣]. وإشارتها أنه إذا عاقب قومًا وابتلاهم، لم يغيِّر ما بهم [١٢٢ ب] من العقوبة والبلاء، حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم من المعصية إلى الطاعة، كما قال العباس (٣) عمُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما نزلَ بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفِعَ إلا بتوبة" (٤). ومنه قول


(١) في الأصل: "رب".
(٢) في الأصل: "أنعم بها".
(٣) ع: "لعباس".
(٤) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٦/ ٣٥٩) من دعاء العباس بن عبد المطلب بلفظ: "اللهم إنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنب، ولم يُكشَف إلا بتوبة ... ". وإسناده ضعيف جدًّا.