للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبالتوحيد يدخل على الله، وهو وسيلتُهُ إليه، وبالتسبيح يُنزِّهُهُ عما لا يليق به من أن يأخذه أو يعاقبه بغير جرم، أو يكون في ملكه ما لم يسبقْ به قضاؤه وقدَرُه، ويتعلَّقْ بمشيئته وخلقه.

والاعتراف والاستغفار يُطفئ غضبَ الرب عنه ويُسكِّنه، ويُقيمه في مقام العبوديَّة، ويُخرِج من نفسه مزاحمةَ الربوبيَّة.

وأعظم الناس اعترافًا واستغفارًا أعرفُهم بربه وبنفسه، ولهذا كان أعظمُ الأمة استغفارًا نبيَّها، فكانت الصحابة يَعُدُّون له في المجلس الواحد مائة مرةٍ يقول: "ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ عليَّ، إنك أنت التوَّاب الغفور" (١)، وقال: "يا أيها الناس، توبوا إلى ربِّكم، فإني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرَّة" (٢).

والتوبة والاعتراف هي الغاية المطلوبة من العباد، ولابدَّ لكل عبدٍ منها، وتوبةُ كلِّ عبدٍ بحسبِهِ، فحسنات الأبرار سيئات المقربين، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، والاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، فكيف (٣) بين حال آدم بعد التوبة وحاله قبل الخطيئة!


(١) أخرجه أحمد (٤٧٢٦) والبخاري في "الأدب المفرد" (٦١٨) وأبو داود (١٥١٦) والترمذي (٣٤٣٤) وابن ماجه (٣٨١٤) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمر، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه ابن حبان (٩٢٧).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٠٧) من حديث أبي هريرة، ومسلم (٢٧٠٢) من حديث الأغرّ.
(٣) كذا في النسخة، والسياق يقتضي "فكم".