للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنزِلَنْ سكينةً علينا

وثبِّتِ الأقدامَ إن لاقينا (١)

ولا يزالُ القلب واللسان والسمع والبصر والجوارح في طَيشها حتى تُحمَلَ السكينةُ في القلب، فإذا نزلت به زال الطيش وحصل الوقار والثباتُ والصبر واليقين والطمأنينةُ. فإذا رأيتَه طائشَ اللسان، طائشَ البصر، طائشَ الأذن، طائشَ المشي= فقد أعلمك طيشُهُ أنه لا حظَّ له من السكينة. فمن أفضل ما أُوتِيَ العبد بعد نعمة الإيمان وقارُ السكينة، فإذا استقرَّت في قلبه ظهر أثرُها في جوارحه، حتى في صوته وهيئته ومشيه ولباسه.

فالطيش جندٌ من جنود الشيطان، والسكينةُ جندٌ من جنود الرحمن، فإذا خلت المحبَّةُ عن المعرفة كانت طيشًا كلّها، وإذا كانت معها المعرفة سكَّنتها عن طيشِها.

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: ٨٧ - ٨٨]، فقال: إنما نجا بهذه الكلمة لأنها تضمنت أربعة أشياء: التوحيد والتسبيح، وهما لله. والاعترافَ والاستغفار، وهما للعبد.


(١) تقدم الرجز وتخريجه.