للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح: ٤]، فقال: أيَّد عباده ونصرهم بأنواعِ جُنده، وأعلمهم أن السكينة من جُنده الذي ينصرُ به المؤمنين، فنصرهم على عدوِّهم بجندٍ من السكينةِ، وجُندٍ من الملائكةِ، وجُندٍ من المؤمنين، وجُندٍ من الرِّيح، وجُندٍ من الرُّعب الذي يُلقِيه في قلوب أعدائه، وجندٍ من الإيمان والتوكُّل الذي يجعله في قلوبهم فلا يخافون معه أحدًا.

فلما صاروا من جُنده أيَّدهم بسائر جنوده، وسبقت كلمته لهم بأنهم هم الغالبون والمفلحون، فقال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ١٧١ - ١٧٣].

فالسكينة جند من جنود الله يُثبِّت بها قلوبَ المؤمنين في مواطن القلق والاضطراب والخوف، كما أنزلها على رسوله وصاحِبه يومَ الغار والمشركون فوق رؤوسهما، وكما أنزلها على المؤمنين يوم صلح الحديبية أشدَّ ما كانوا قلقًا واضطرابًا، والمشركون يتحكَّمون عليهم في شروطهم، وقد صدُّوهم عن البيت، وكما أنزلها على رسوله وعلى المؤمنين يومَ حُنين، بعد أن ولَّى المسلمون وكادت النُّصرة تكون لأعدائهم عليهم، وكان من حَدْوِهم مع نبيهم - صلى الله عليه وسلم -:

والله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا