للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك، فآذَنَ (١) بامتنانه عليهم من أجْلِ (٢) نعمِه، فسبحانَ من له المنَّةُ الوافرة والنعمُ الظاهرة والباطنةُ!

وقالت الرسل لقومهم: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: ١١]، ومنَّ الأعرابُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامهم، فقال الله سبحانه لرسوله: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧]، وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤]، ولمَّا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "ألم أجدكم ضُلَّالًا فهداكم الله بي، وأعداءً فألَّفكم الله بي، وعالةً فأغناكم الله بي؟ " لم يكن لهم جوابٌ إلا أن قالوا: الله ورسولُهُ أَمَنُّ (٣).

فمنَّةُ المخلوقِ تُكدِّرُ النعمة، ونعمة الله إنما طابَتْ بمنَّتِه وازدادت بها موقعًا من قلوب عباده، وحلاوةً في قلوبهم، وعظمةً في صدورهم، وكانوا بامتنانِهِ عليهم أشدَّ فرحًا وابتهاجًا وسرورًا منهم بأصل النعمة، فلله المنةُ والفضلُ والثناءُ الحسنُ الجميلُ.


(١) أي فأخبر. وفي الطبعة الجديدة: "فإذنُه" وهو بعيد، فما معنى "إذنه بامتنانه" ومرجع الضمير فيهما الله؟ وإذا كان غيره فأين المذكور؟
(٢) ضبطها محقق الطبعة الجديدة: "أجلِّ" وهو خطأ.
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٣٠) ومسلم (١٠٦١) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.