للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخفى عليه خواطر القلوب ولا خائنةُ الأعين، فاحذروا مَن هذا شأنه.

ولا تغترَّ بستره عليك، فإنَّ تحته كشفَ الغطاء، ولا إمهالِه (١) لك، فإنه لا يخاف الفوت، ولا بحلمه عنك، فإنَّ أَخَذاتِه تأتي بغتةً، أين تفرُّ منه وإنما تُطوى المراحلُ في يديه؟! وأين تتوارى منه وسريرتُك باديةٌ له وأعمالك معروضة عليه؟!

أينَ يَفِرُّ المرء عنه بذنبه ... إذا كان يطوِي في يديه المراحلَا (٢)

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٧ - ٢٨]، فقال: مَنَّ عليهم بالإشفاق من عذابه آمَنَ (٣) ما كانوا وهم في أهليهم، ثم منَّ عليهم بأن وقاهم عذاب السَّمُومِ وأدخلهم دار النَّعيم، ومنَّ عليهم بأن جعلهم داعين له عابدين له، ومنَّ عليهم بأن عرَّفهم أنه برٌّ بهم رحيم بهم، ومنَّ عليهم بأن أشهدهم منتَّه عليهم، فخلَّصهم من دعاوي الملائكة لنفوسهم، ومنَّ عليهم بأن هداهم للإيمان، ومنَّ عليهم بامتنانه عليهم


(١) في النسخة: "ولا مهالة". والسياق يقتضي ما أثبته عطفًا على "سترِه"، وكأن الألف ساقطة. وجعله في الطبعة الجديدة: "ولا مهلة" وهو بعيد عن السياق.
(٢) البيت لأبي العرب الصقلي في "تاريخ الإسلام" (١١/ ٨٣) و"فوات الوفيات" (٤/ ١٤٥). وفيهما: "فأين" فلا خرم. وفي الطبعة الجديدة: "المراحل" خلاف النسخة والرواية، فالقصيدة من قافية اللام المفتوحة.
(٣) قرأها محقق الطبعة الجديدة: "أمَنَّ" فأبعد النجعة.