للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها أحاديثُ من ذِكراك تَشْغَلها ... عن الشرابِ وتُلْهِيها عن الزادِ

لها بوجهكَ نورٌ تَستضيءُ به ... ومن حديثك في أعقابها حَادِي

إذا شَكَتْ (١) من كَلالِ السير أوعدَها ... روحَ القدومِ فتَحْيا عند ميعاد

وكما قيل (٢):

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامُنا ... كفَى بالمطايا طِيبُ ذكراك حاديَا

وإن نحن أضللنا الطريقَ ولم نجدْ ... دليلًا كفانا نورُ وجهك هاديَا

وإذا كان حُداء الإبل يطيب لها السير، ويهون عليها حمل المشاقّ على غلظ أكبادها وكثافة طباعها، فما الظن بمَن أذابت نارُ المحبة قسوةَ قلبه، ولطفت طباعه إذا حدا له الحادي بما يناسب حاله.

ولا ريب أن السماع لا يُورِد على القلب حالًا ليست فيه، ولا يُحدث فيه إرادة ومحبة لم تكن، وإنما يثير ما كَمَن فيه، فهو بمنزلة الصَّوَّانِ (٣) يَقدح من (٤) الزناد ما هو كامنٌ فيه من النار، لا أن (٥) الصَّوّان


(١) ك: "اشتكت".
(٢) لعمرو بن شأس الأسدي في "معجم الشعراء" (ص ٢١٢) و"ديوان المعاني" (١/ ٢٢٤). وانظر "شعر عمرو بن شأس" (ص ٨٤ ــ ٨٥).
(٣) ضرب من الحجارة شديد.
(٤) في الأصل: "في". والمثبت من ك، ع.
(٥) ع: "لأن" خطأ.