للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما قولك: "إن القوم لهم في السماع شأن آخر غير شأن أهل اللهو والبطالة"، فصدقتَ، ولكن لهم فيه خطر آخر غير خطر أهل اللهو والبطالة، فهم فيه على خطر عظيم، زلَّت فيه أقدام، وتعثَّرتْ فيه بأذيالها عقول وأحلام، ونصبَ لهم به إبليسُ شبكتَه (١)، وأحكمَها بأنواع الحبائل والمصايد، فلو رأيت القوم فيها يَخبِطون لم يتخلص منهم إلا الواحد بعد الواحد، فسَلْ ناجيَهم عما لاقى مع القوم في شبكةِ السماع يُخْبِرك خبرًا مسندًا لا إرسال فيه ولا انقطاع.

أما ما حكيتَ عن الشبلي فهو نقلٌ مجمل، غير معلوم الصحة، عن غير ثابت العصمة، فليبيِّن المتمسك (٢) به نصيبه من العلم والهدى. والشبلي ومن هو أكبر من الشبلي من الشيوخ، لابدَّ من عرضِ أحواله وأقواله على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق، فيُقبل منها ما وافق الحق، ويُردّ منها ما خالفه، وما احتمل الأمرين جُعِل من المحتملات التي لا تُقبَل مطلقًا ولا تُردُّ مطلقًا، وبهذا الميزان يوزن كلام مَن دونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله كائنًا من كان.

والشبلي كان يَعرِض له أحيانًا [١٣٣ أ] ما يُزِيل عقلَه، ويختلط حتى يُذهبَ به إلى المارستان. ومن كان بهذه الحال لا تكون أقواله (٣) وأفعاله


(١) ع: "شبكة".
(٢) ع: "المتنسك" تحريف.
(٣) في الأصل: "أحواله".