للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجة في طريق الحق والسلوك إلى الله، وله مع ذلك أقوال وأفعال حسنة جدًّا ومتوسطةٌ وبينَ بينَ، فلا تُهدَرُ بما (١) غلط فيه، ولا يُلحَق ما غلط فيه بها، فيجعل محجة (٢) وطريقًا، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا.

وشيخه أبو القاسم الجنيد بن محمد شيخ القوم غير مدافع، أعرف بهذا الشأن منه (٣)، وأصحُّ طريقًا وأقرب إلى الاتباع، قد أخبر أن السماع فتنة لمن طلبه. فإذا كان لابد من التقليد فتقليد (٤) الجنيد أولى من تقليد الشبلي، وقد أطلق القول بأنه فتنة لطالبه، وليس مراده أنه فتنة في الظاهر فقط، فإنه إنما يتكلم على صلاح القلوب وفسادها، وإنما أراد أنه يَفتِنُ القلبَ لمن طلبه، وهذا نهي وذم لا إطلاق وإباحة.

وقوله: "من عرفَ الإشارة حلَّ له السماع بالعبرة"، يُضاهِي قولَ من قال: هو حرام على العامة مباح للخاصة مستحب لخاصة الخاصة، مما لا يأتي به شريعةٌ، و تأبى حكمة الله أن تشرعه، فيكون الحل والحرمة تبعًا للعموم والخصوص.

وكان شيخنا قدَّس الله روحه يقول: ما أعلم أحدًا من المشايخ المقبولين يُؤثَر عنه في السماع نوعُ رخصةٍ وحَمْدٍ إلا ويُؤثرَ عنه الذم


(١) ع: "لما".
(٢) في الأصل: "محبة" تحريف.
(٣) "منه" ليست في ع.
(٤) في الأصل: "فليقلد".