للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمنع (١). وهذا من رحمة الله بعباده الصالحين، حيث يردُّهم في آخر أمرهم إلى الحق [١٣٣ ب] الذي بعث الله به رسوله، ولا يجعلهم مُصرِّين على ما يخالف الحق، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥].

فإن قيل: ما (٢) معنى قوله: "مَن عرف الإشارة حلَّ له السماع بالعبرة".

قيل: الإشارة هي الاعتبار والقياس، بأن يجعل المعنى الذي في القول مثلًا مضروبًا لمعنى حقٍّ يناسب حال المستمع، ولهذا قال: "باطنه عبرة" أي يعتبر به، ولكن من أين لهذا القائل أن كل ما أمكن أن يعتبر به الإنسان يكون حلالًا؟ فإن الاعتبار قد يكون بما يسمع ويرى من المحرمات، فهل يحلُّ لأحدٍ أن يعتبر بقصد (٣) النظر إلى الصور المبتدعة (٤) بالجمال التي حرم الله النظر إليها؟ ويقول: نظري إليها عبرةٌ أعبرُ (٥) منها إلى ما أعدّ الله لعباده في جنته! كما قال القائل:


(١) انظر الاستقامة (١/ ٤٠٥).
(٢) "ما" ليست في ع.
(٣) في الأصل: "أن يقصد".
(٤) ع: "المبدعة".
(٥) ع: "أعتبر".