للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بصيرة به، إنْ معه (١) إلا قولُه: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٢].

فانحرفت لذلك الأعمال، وانقلبت الأذواق، وفسدت الأحوال، وصَدِئت القلوب، وكثير منها انتكس، فلا يعرف من المعروف إلا ما وافق هواه، ولا يُنكِر منه (٢) إلا ما خالف [٤٣ أ] هواه، وهذا هو ميّت الأحياء، كما (٣) قال عبد الله بن مسعود: أتدرون ما ميت الأحياء (٤)؟ قالوا: لا، قال: هو الذي لا يعرف معروفًا (٥) ولا ينكر منكرًا. وقالوا له: يا أبا عبد الرحمن! هلك مَن لم يأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر، فقال (٦): هلك مَن لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر (٧).

فلا يوجد غالبًا إلا ذوق منحرف في عمل منحرف صادر من قلب منحرف، فتخرج الأقوال والأحوال فيها من الانحراف ما فيها، فعظم الخَطْب واشتد الأمر، وكثرت الشطحات والطامَّات، وانسلخت القلوب من الإيمان، وأربابها لا يعلمون، لأن القلب متى لم يكن على


(١) "إن معه" ليست في ع.
(٢) ك: "من المنكر".
(٣) "كما" ليست في الأصل.
(٤) "كما ... الأحياء" ساقطة من ك.
(٥) "معروفا" ساقطة من ك.
(٦) في الأصل: "فقالوا"، والمثبت من ع.
(٧) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٣٥).