للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راغمًا له أنفه خاضعًا له قلبه (١)، ويضع أشرفَ ما فيه وهو وجهه بالأرض ولاسيما على التراب (٢)، مُعفِّرًا له بين يدي سيده، راغمًا له أنفه، خاضعًا له قلبه وجوارحه، متذللًا لعظمته، خاضعًا لعزته (٣)، مستكينًا (٤) بين يديه، أذلَّ شيء وأكسرَه لربه تعالى، مسبِّحًا له بعلوِّه في أعظم سفوله (٥)، قد صارت أعاليه ملويَّة (٦) لأسافله ذلًّا وخضوعًا وانكسارًا، وقد طابق [٥٥ أ] قلبه حال جسمه، فسجد القلب كما سجد الوجه، وقد سجد معه أنفه ويداه وركبتاه ورجلاه، وشرع له أن يُقِلَّ فخذيه عن ساقيه، وبطنَه عن فخذيه، وعضديه عن جنبيه، ليأخذ كل جزء منه حظَّه من الخضوع، ولا يحمل بعضه بعضًا، فأحْرِ به (٧) في هذه الحال أن يكون أقربَ إلى ربه منه في غيرها من الأحوال، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (٨). ولما كان سجود القلب خضوعه التام لربه أمكنه استدامة هذا السجود إلى يوم اللقاء (٩). كما


(١) "مسندة، راغمًا له أنفه خاضعًا له قلبه" ساقطة من ع، ك.
(٢) ك: "الأرض".
(٣) ع، ك: "لقربه".
(٤) ع: "مسكينا".
(٥) بعدها في ع، ك: "هو".
(٦) ع، ك: "مساوية".
(٧) ك: "فاخرته" تصحيف.
(٨) أخرجه مسلم (٤٨٢) عن أبي هريرة.
(٩) في الأصل: "لقاء".