الأول: ما يقع على وجه اللعب واللهو وإبلاغ النفوس حظوظها من الشهوات واللذات. وأكثر العلماء على تحريم سماع الغناء وآلات الملاهي كلها على هذا الوجه؛ لأن فيه تهييج الطباع وتحريك الشهوات. وقد أورد المؤلف الأحاديث والآثار الواردة في الباب مما يدل على تحريمه، وذكر أن ما يدل منها على الرخصة فهو ما يكون إنشاد الشعر فيه على طريق الحداء ونحوه مما لا يُهيِّج الطباع إلى الهوى. ومن استدلَّ بشيء من ذلك على إباحة الغناء المذموم فقد غلط.
القسم الثاني: أن يقع استماع الغناء بآلات اللهو أو بدونها على وجه التقرب إلى الله تعالى، وتحريك القلوب إلى محبته والأنس به والشوق إلى لقائه، وهذا هو الذي يدّعيه كثير من أهل السلوك. ولا ريب أن التقرب إلى الله بسماع الغناء الملحن لاسيما مع آلات اللهو مما يُعلَم بالضرورة أنه ليس من دين الإسلام ولا مما تزكّى به النفوس وتطهر به. وهو مخالف لإجماع المسلمين، ونقل عن القاضي أبي الطيب الطبري وابن الصلاح ما يدلُّ على تحريم هذا السماع، ومن نسب إباحته إلى أحدٍ من العلماء على هذا الوجه فقد أخطأ.
وختم المؤلف الكتاب بذكر أن سماع الأغاني يضاد سماع القرآن من كل وجه.