للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفوسهم وتطهيرِ سرائرهم، وأنهم لا يقصدون بالجهاد أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، كما وجدوه في كثير ممن يذمُّ السماع الذي (١) لهم من قسوة القلب (٢) والبعد عن مكارمِ الأخلاق وذوقِ حقيقة الإيمان. فصار هذا التفريطُ في المنكرين عليهم شبهةً لهم في التمسك بما هم عليه (٣)، وعدمِ التفاتهم إلى مَن ينكره (٤) عليهم. ولو أن المنكر عليهم شاركهم فيما عندهم [٨٣ أ] من الأخلاق والمحبة وأعمال القلوب ومراعاتها والفقه في منازلاتها ووارداتها لانْقادوا له، ولرأوه (٥) فوقَهم في ذلك، ولأقرُّوا له مُذعِنين، ولكن نفوسهم لا تنقاد لمن هو على ضد طريقتهم، ومَن هو من أقسى الناس وأبعدهم عن المحبة وأحكامها، وعن أعمال القلوب وأذواق حلاوة المعاملة، وإذا تلاقتْ أرواحُهم تنافرتْ أشدَّ النِّفار (٦). فالبلاء مركب من تفريط هؤلاء وعدوان هؤلاء، وصارت كل طائفة مُعْرِضةً عما مع الأخرى من الحق، مستطيلةً عليها بما معها من الباطل.

وأمَّا أهل الصراط المستقيم الوسط العدل الخيار، فيتبرؤون من


(١) كذا في النسختين.
(٢) "القلب" ليست في ع.
(٣) ع: "فيه".
(٤) ع: "ينكر".
(٥) ع: "ولو رأوه".
(٦) ع: "التنافر".