للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شريعته ومعرفته بالنفوس وما تصلح عليه، وسوقها إلى (١) دينه بكل طريق وفي كل وادٍ. ومن المعلوم أن النفوس الصغار والعقول الضعيفة إذا حُمِلت على محض الحق، وحُمِلَ عليها ثِقلُه، تفسَّخَتْ تحته واستعصَتْ ولم تَنقَدْ، فإذا أُعطِيَتْ شيئًا من الباطل ليكون لها عونًا على الحق ومنفذًا له، كان أسرعَ لقبولها وطاعتها وانقيادها.

فما لمشايخ الطريق والسالكين إلى الله، والآخذين أنفسهم بالجِدِّ المحض، والمعرضين (٢) عن حظوظهم، الذين لم يعبدوا الله شوقًا إلى جنته ولا خوفًا من ناره، إذْ ذلك عينُ حظهم وهو نقصٌ في طريقتهم، وهذا الباطل واللهو الذي هو حظ الأطفال والنساء والجواري؟! ولا ريبَ أن الرجال لم يكن ذلك فيهم، بل كان السلف يسمون الرجل المغنّي مخنَّثًا لتشبهه بالنساء، وقد رُوي: "اقرأوا القرآنَ بلحون العرب، وإياكم ولُحونَ العجم والمخانيثِ والنساءِ" (٣).

وسئل القاسم بن محمد (٤) عن الغناء، فقال للسائل: أرأيت إذا ميز الله يوم القيامة بين الحق والباطل ففي أيهما [٨٦ أ] يجعل الغناء؟ فقال:


(١) ع: "إلى الله تعالى وإلى دينه".
(٢) ع: "والمعوضين" تحريف.
(٣) أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٨٠) والطبراني في "الأوسط" (٧٢١٩) البيهقي في "شعب الإيمان" (٢٦٤٩) عن حذيفة، وهو حديث ضعيف.
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢٤)، وأورده ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ٢٣٥).