للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقوعُ مثل هذا التأويل ممن وقع منه (١) من الأئمة المتبوعين أهلِ العلم والإيمان، صار من أسباب المحنة التي امتحن الله بها عباده، وفتنَهم بها، وصار فتنةً لطائفتين:

طائفة اتبعتْهم على ذلك وقلَّدوهم فيه، معرضين عما أمرهم الله ورسوله من اتباع الحق، وحملَ التعصبُ لكثيرٍ من أتباعهم على أنهم لم يقفوا عند الحد الذي وقف أولئك عنده وانتهوا إليه، بل اعتدَوا في ذلك، وزادوا زياداتٍ لم تصدُرْ من تلك الأئمة، ولو رأوا من يفعلُها ويستحلُّها لأنكروا عليه غاية الإنكار.

وطائفة أخرى علموا تحريمَ ما أحلَّه أولئك الأئمة بالتأويل، ووضحتْ (٢) لهم فيه السنةُ، فاعتدَوا على المتأولين بنوع من الذم فيما هو مغفور لهم، و تبعهم مقلِّدون لهم، فزادوا في الذمّ واعتدَوا، ولم يقفوا عند الحد الذي انتهى إليه من قلدوه.

والقول الوسط والصراط (٣) المستقيم بين هذا وهذا: معرفةُ المراتب وإعطاء كل ذي حق حقه، واتباع القول الموافق لما جاء به رسول الله [٩٦ أ]- صلى الله عليه وسلم -، وعُذْرُ من خالفه مجتهدًا متأولًا.


(١) ع: "فيه".
(٢) ع: "وصحت" تصحيف.
(٣) ع: "السراط".