للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومرَّ في السورة يستعرضها هكذا (١) إلى آخرها. وهذا فِعلُ من لا يرجو لله تعالى ولا لكتابه وقارًا، بل قد سقطتْ حرمة القرآن والدين من قلبه، وكثيرًا ما يُغنُّون بأبيات تتضمن اعتقادَ الكفار، وقد لا يدري المغني ولا السامعون، بل قد يُغنُّون بما لا يستجيزه الكفار من أهل الكتاب، ولولا الإطالة لذكرنا من أشعارهم هذه كثيرًا.

وزادوا أيضًا في آلات اللهو، حتى تعدَّوا إلى آلات اليهود والنصارى والمجوس والصابئة على اختلاف أنواعها، وعظُمت البليةُ، واشتدّت بذلك الفتنة، حتى ربا فيها الصغيرُ وهَرِمَ فيها الكبير، واتخذوا ذلك دَيْدَنًا ودينًا، وجعلوه من الوظائف الراتبة بالغدو والآصال، وفي الأماكن والأوقات الفاضلات، واعتاضوا به عن سماع الآيات وعن إقامة الصلوات، وقعدوا تحت قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: ٥٩]، وتحت قوله: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥]، فإنَّ "المكاء" هو الصفير وتوابعه من الغناء، و"التصدية" التصفيق بالأيدي [٩٨ ب] وتوابعه. فإذا كان هذا سماعَ المشركين الذي ذمه الله في كتابه، فكيف إذا اقترن بالمكاء المواصيلُ والشباباتُ، وبالتصديةِ الدفوفُ المصلصلاتُ، والرقصُ والتكسُّر والتثنِّي بالحركات الموزونات؟ فكأنَّ القوم إنما حلَّ لهم المكاء والتصدية لما انضمَّت إليه هذه المؤكدات، فهناك ذهب


(١) "هكذا" ليست في ع.