للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستفزُّها بذلك الصوت إلى الشهوة والإرادة والرغبة فيما يبغضه الله، فينهاها بصوت النوح عما أمرها الله به، ويأمرها بصوت الغناء بما نهاها الله عنه. وهذا الصوت هو أحد الأسباب الخمسة التي أقسم الشيطان أن (١) يَحتنِكَ بها ذريةَ آدم ويستأصلهم إلا قليلًا، وهي استفزازهم بصوته، والإجلابُ عليهم بخيله ورَجلِه، ومشاركتهم في أموالهم وأولادهم (٢). فكل راكب في معصية الله فهو خَيَّالةُ الشيطان، وكل ماشٍ في معصية الله فمن (٣) رَجَّالتِه، وكل مالٍ أُخِذ من غير حلِّه وأُخرِج في غير حقه فهو شريك صاحبه [١١٧ أ] فيه، وكل ولدٍ من نطفة زنا فهو شريك أبيه فيه.

فتبارك من جعل كلامه شِفاءً لصدور المؤمنين، وحياةً لقلوبهم، ونورًا لبصائرهم، وغذاءً لقلوبهم، ودواءً لسقامهم، و قرةً لعيونهم، وفتح به منهم أعينًا عُمْيًا (٤) وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلْفًا، وأمطر على قلوبهم سحائبَ دِيمهِ، فاهتزَّتْ ورَبَتْ وأنبتتْ من كل زوج بهيج، فأشرقتْ به الوجوه، واستنارتْ به القلوب، وانقادتْ به الجوارح إلى طاعته ومحبته،


(١) ع: "أنه".
(٢) كما في قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الإسراء: ٦٤].
(٣) ع: "فهو من".
(٤) ع: "عمياء".