للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحوال، فقال: نعم، قد وصل لَعمري ولكن إلى سَقَر (١).

فقول أبي علي: "هو مباح للزهاد لحصول مجاهداتهم" هو الذي أنكره أبو علي بعينه.

ثمّ إنَّ هذا التقسيم مما تردُّه الشريعة، فإنَّ ما حرمه الله ورسوله يستوي في تحريمه العامة والخاصة كسائر المحرمات، فلم يحرم الله على العامة (٢) شيئًا ويبيحه للخاصة ثمّ يستحبّه لخاصة الخاصة، وهل هذا إلا من جنس التلاعب بالدين؟! فلو قال قائل: الخمر حرام على العوام لبقاء نفوسهم وما يقع فيها من العربدة والشر، مباح لمن جاهد [١١٩ أ] نفسَه عن ذلك، مستحب لمن قلبه حيٌّ لا يؤثر فيه شربه، أكان فرقٌ بينه وبين هذا التقسيم؟ وأين في شرع الله ورسوله فعل مباح لبعض المكلفين، حرام بعينه على بعضهم، مستحب لبعضهم، مع استوائهم في التكليف وأسبابه؟ هذا مما لا يمكن مجيء الشرع به.

وإذا اختلفت الأحكام باختلاف المكلفين اختلفت باختلاف أوصافهم (٣)، كتحريم نكاح الإماء (٤) على القادر الواجد لنكاح حرة، وإباحته للعاجز الخائف العَنَتَ، وكوجوب الصوم على المقيم والمرأة


(١) "الرسالة القشيرية" (ص ١١٩).
(٢) ع: "للعامة".
(٣) في الأصل: "أوصافها".
(٤) ع: "الأمة".