للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام ذو النون، وسقط على وجهه، والدم يقطُر من جبينه ولا يسقط على الأرض، ثمّ قام رجل من القوم فتواجد، فقال له ذو النون: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء: ٢١٨]، فجلس الرجل (١).

قال أبو علي الدقاق: كان ذو النون صاحب إشرافٍ على ذلك الرجل، حيث نبَّهه أن ذلك ليس مقامه، وكان ذلك الرجل صاحب إنصافٍ حيث قَبِلَ ذلك منه وقعد.

وذو النون أحد الشيوخ الذين حضروا السماع [١٢٠ أ] تأويلًا، وليس ذو النون بأجلَّ من سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، ومِسْعَر بن كِدام، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم من أئمة الكوفة الذين استحلُّوا النبيذ المسكر تأويلًا، ولا بأجلَّ من عطاء بن أبي رباح وابن جريج وغيرهما ممن استحلَّ المتعة والصرف، ولا بأجلَّ من الأعمش والطائفة ممن استحلَّ الأكل في رمضان بعد طلوع الفجر، ولا بأجلَّ ممن استحلَّ أكلَ (٢) ذي الناب من السباع والمخلب من الطير، ولا بأجلَّ ممن استحلَّ إتيانَ النساء في أدبارهن، ولا بأجلَّ ممن جوَّز للصائم أكلَ البَرَد، ولا بأجلَّ ممن جوَّز نكاحَ الزانية مع استمرارها على البغاء، وجوَّز نكاحَ البنت المخلوقة من مائه سفاحًا، وغير ذلك بالتأويل، وكذلك الذين استحلُّوا قتالَ علي بن أبي طالب من أهل


(١) "الرسالة القشيرية" (ص ٥١٣).
(٢) ع: "أكل كل".