للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا ما يُحكى عن بعض المشايخ أنه سمع قوَّالًا يقول (١):

كلَّ يومٍ تتلَوَّنْ ... غَيرُ هذا بِك أجمَلْ

فنزَّلَه على حاله مع ربه تعالى، وجعل يبكي ويُردِّدُ البيتَ مرارًا.

وكذلك الذي سمع قوَّالًا يقول (٢):

وكنتُ أرى أن قد تَنَاهى بيَ الهوى ... إلى غايةٍ ما بعدها لِيَ مذهبُ

فلمَّا تلاقَينَا وعَايَنتُ حُسْنَهَا ... تَيَقَّنتُ أنِّي إنَّما كنتُ ألعبُ

فأثَّر ذلك فيه وجدًا وهمَّةً وإرادَةً.

وكذلك الذي سمع قوَّالًا يقولُ (٣):

وأخرجُ من بين البيوت لعَلَّنِي ... أُحَدِّثُ عنك النَّفْسَ في السِّرِّ خاليَا

فحملَه على حاله وخروجه من بين بيوت إرادته وشهوته، ليُفْضِيَ قلبُهُ إلى محبوبه خاليًا، فخرج إلى الصحراء يُنشدُ هذا البيت ويُرَدِّده.


(١) البيت مع الخبر في "الرسالة القشيرية" (٢/ ٥١٥)، و"إحياء علوم الدين" (٢/ ٢٨٨)، و"مدارج السالكين" (٣/ ٥٦٧) وغيرها. وانظر التعليق على المدارج.
(٢) البيتان مع ثالث في "الزهرة" لمحمد بن داود الظاهري (ص ٢٧٤) لبعض أهل هذا العصر. وأنشدهما المؤلف في "مفتاح دار السعادة" (١/ ٢٩٩، ٣٠٠)، و"طريق الهجرتين" (١/ ٤٦٠).
(٣) البيت للمجنون في "ديوانه" (ص ٢٩٤، ٣٠١، ٣١٤) من قصيدة طويلة.