للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صوتُ أبي موسى ويستَمِعُ لحسن صوتِه (١).

ولا ريبَ أن ذلك يُقوِّي هِمَّةَ المُرِيد لله المُحِبِّ للقائِهِ، ويُثيرُ عَزَماتِهِ، ويُحرِّكُ ساكنَهُ؛ فيَجِدُ من قوَّة الطلبِ والإرادة والحبِّ أمرًا آخرَ.

وسمع بعضهم مرَّة منشدًا يُنشِدُ (٢):

وحَبَّبَ (٣) أوطَانَ الرِّجَالِ إليهمُ ... مآرِبُ قَضَّاها الشَّبَابُ هُنَالِكَا

إذا ذَكَروا أوطانَهم ذَكَّرَتْهُمُ ... عُهُودًا جَرَتْ فيها فَحَنُّوا لِذَالِكَا

فبكى واشتدَّ بكاؤُه، وقال: ذَكرتُ المنازلَ الأُولَى في الجنَّةِ وأنا في صُلبِ آدم، والعهدَ الأوَّلَ حين عُهِدَ إليه.

وسمع آخر منشدًا يُنشدُ (٤):

نَقِّلْ فُؤَادَك حيثُ شِئتَ من الهوى ... مَا الحُبُّ إلَّا للحَبيبِ الأوَّلِ

كَمْ مَنزلٍ في الأرضِ يألَفُهُ الفَتى ... وحَنِينُه أبَدًا لأوَّلِ مَنزِل

فأثَّرت فيه تأثيرًا عظيمًا، وعَلِمَ أنَّ كلَّ من أحبَّ سِوَى الحبيبِ


(١) تقدم تخريجه (ص ٢٨٢).
(٢) البيتان لابن الرومي في "ديوانه" (٥/ ١٨٢٦). وأنشدهما المؤلف في "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٩٨٠).
(٣) ع: "وحُبّ" خطأ.
(٤) تقدم البيتان وتخريجهما (ص ٤٧).