للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قسمًا بارًّا أنَّ سماع الأبيات عن هذا بمعزلٍ، وإذا أخذ الناسُ منازلهم كان منزلهم من هذا الذوقِ والوَجْدِ أبعدَ منزلٍ:

نزلُوا بمكَّة في قبائلِ هاشمٍ ... ونزلتُ بالبيداءِ أبعدَ منزلِ (١)

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، فقال: أمرهم بأخذ زينتهم الظاهرة في مواطن عبوديته؛ لأنه جميل يحبُّ الجمال (٢)، ثم أخبرهم أنه أنزل عليهم من اللباس والرِّياش ما يتجمَّلون به، ثم أخبرهم أن تجمُّلهم بلباس التقوى خيرٌ من ذلك كله، فجمَّلهم بأنواع الجمال ثم أقامهم في عبوديته على أجمل الأحوال. وإذا أنعم الله على عبده بنعمة أحبَّ أن يظهر عليه أثرُ نعمته (٣)، فإن ذلك من شكرها والتحدُّث بها بلسان الحال. وأعطاهم من جمال الصور ما فضَّلهم به [على] مَن (٤) سواهم من خلقه، فحقيقٌ بمن أُعطي من هذا


(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة في "ديوانه" (ص ٣٢٠). وهو بلا نسبة في "أمالي القالي" (١/ ٢٠٢)، و"طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص ١٠٣)، و"العاقبة" لعبد الحق الإشبيلي (ص ١٧٧).
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (٩١) عن عبد الله بن مسعود.
(٣) كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه أحمد (١٩٩٣٤) والبيهقي (٣/ ٢٧١) وغيرهما. وإسناده صحيح. وفي الباب عن غيره من الصحابة.
(٤) بين المعكوفتين زيادة يستقيم بها السياق. و"من" غيَّرها في الطبعة الجديدة إلى "عن". ولا يقال: "فضَّلَه عن"، بل يُعدَّى بـ"على". وفي القرآن: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، {فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}.