فامتَحَنَ الذين أُرسِلَ إليهم بالرُّسل، وآجَرَهُم بصبرِهِم على ما أَمَرُوهم به ونَهَوهم عنه، وبالصبر معهم على جهادِ مَن خالفَهم.
وامتَحَنَ الرُّسلَ بأُمَمِهِم، وأمَرَهُم بالصبرِ على ما يَنالُهم من أنواع الأذَى منهم، مِن تكذيبِ خبرِهِم، ومعصيةِ أمرِهِم، وعداوتهم.
وامتحن أتباعَهم مِن بعدِهِم بمَن خالفَهم، وأمَرَهم أن يَصبِرُوا منهم على مثلِ ما صَبَر عليه الرُّسلُ من أسلافِ هؤلاء المخالفِينَ.
وامتحن الرَّعِيَّةَ بالملوكِ والولاةِ، وأمَرَهم أن يَصْبِرُوا على جَوْرِهم وظُلْمِهِم، ولا يَخْلَعُوا رِبْقَة طاعتِهِم من أعناقِهِم، ولا يَشُقُّوا عصاهُم.
وامتحن الملوكَ والولاةَ بالرَّعِيَّةِ، وأمَرَهم أن يَصبِرُوا على طعنِهم عليهم، وعَيْبِهِم لهم، وأن يَكُفُّوا غضبَهَم عنهم، وأن يَصْبِرُوا على حوائِجِهِم، ولا يُغْلِقُوا أبوابَهم دونَهم، ولا يَحْتَجِبُوا دونَ خَلْقهم (١) وحاجتِهم، وأن يُصَبِّرُوا أنفسَهم بحوائِجِهِم غايةَ طاقتِهم.
وامتحن العلماءَ بالجهَّالِ، وأمَرَهُم أن يَصْبِرُوا على لَجاجِهِم ومسألتِهِم، ولا يَتَبَرَّمُوا بهم، ولا يَدْفَعُوهم بالعنفِ والغِلْظَةِ.
وامتحنَ الفقراءَ بالأغنياء، وأمَرَهم أن يَصْبِرُوا على استئثارِهم عليهم بالطيِّباتِ وأنواعِ النَّعِيمِ، ولا يَتَسَخَّطُوا على الله إذ لم يعطِهِم ما أَعْطاهم.
(١) كذا في النسخة. والمقصود: رعيتهم والمخلوقين والمحكومين لهم.