للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحرِصُ على المعاودة تداويًا منه بزعمه، كما أفصح عن هذا شيخُ الفسوق أبو نواس بقوله (١):

وكأسٍ شربتُ على لذةٍ ... وأخرى تداويتُ منها بها

فإذا حمل العبد الأوزار أوجب له ذلك ضيقَ الصدر وخمولَ الذكر، ثم خمولُ الذكر يوجب (٢) له ضيقَ الصدر، [١٢٥ أ] فلا يزال المعرض عن طاعة الله ورسوله مترددًا بين هذه المنازل الثلاث، كما لا يزال المطيع لله ورسوله الذي باشر قلبه روحَ التوحيد وتجريدَه ومحبةَ الله ورسوله وامتثالَ أمره دائرًا بين تلك المنازل الثلاث.

وإذا أُثْقِل (٣) الظهر بالأوزار منع القلبَ من السير إلى الله، والجوارحَ من النهوض في طاعته، وكيف يقطع مسافةَ السفر مُثْقَلٌ بالحمل (٤) على ظهره؟ وكيف ينهض إلى الله قلب قد أثقلته الأوزار؟ فلو وُضِعت عنه أوزاره لنهض وطار شوقًا إلى ربه، ولانْقلبَ عسرُه يسرًا، فإن ضيق الصدر وحمل الوزر وخمول الذكر من أعظم العسر، ومعه يسرٌ (٥) يقلبه إليه، وهو تجريد التوحيد وتجريد الطاعة بمتابعة


(١) البيت ليس لأبي نواس، بل للأعشى في ديوانه (ص ١٧٣) من قصيدة مشهورة له.
(٢) ع: "لا يوجب" خطأ.
(٣) في الأصل: "ثقل".
(٤) ع: "بالكل".
(٥) ع: "ومع ذلك فإن مع هذا العسر يسر" بدل "ومعه يسر".