للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يختص بحاسة السمع، بل ما يتعلق بحاسة الشمّ والنظر واللمس كذلك، فإنَّ المُحْرِم لا يحرم عليه شيء من (١) الطيب إذا حَمَلتْه الريح وألقَتْه في خياشيمِه، ولا يجب عليه سدُّ أنفِه لذلك، وإنما الذي مُنِعَ منه القصد لشمِّه واستنشاقِه وتروُّحه، وهذا شيء، ومجردُ شمِّه من غير قصدٍ شيء آخر.

وكذلك النظر، إنما المحرَّم منه قصد النظر (٢) وإتباعُ النظرةِ النظرةَ، لا نظر الفُجاءةِ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُتبِع النظرةَ النظرةَ، فإنما لك الأولى وليست لك الأخرى" (٣). [١٢٩ أ]، وقال علي: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري (٤).

وكذلك اللمس إنما المحرَّم منه قصد مسِّ بَشَرتِه بشرةَ المحرَّم، فلو وقعت بَشَرتُه على بَشَرةِ المحرَّم من غير قصد لزحمةٍ أو غيرها لم يكن ذلك حرامًا.

ولكن هل سمعتم معاشرَ أصحاب الغناء أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحدًا من أصحابه استحضر مغنيًا أو مغنية، وجلس إليها قصدًا، أو كان جالسًا


(١) ع: "شم الطيب".
(٢) "إنما المحرم منه قصد النظر" ساقطة من ع.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) هذا الحديث أخرجه مسلم (٢١٥٩) بهذا اللفظ عن جرير بن عبد الله، لا عن علي. وحديث علي هو الحديث السابق.