للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملًا بلا اتباعِ سنةٍ فباطل عمله. وقول سهل بن عبد الله: كلُّ فعلٍ يفعله العبد بغير اقتداء فهو عيشُ النفس، وكل فعل يفعله بالاقتداء فهو عذابٌ على النفس. ومثل هذا كثير، فالمهتدون من مشايخ الصوفية (١) [١٤٢ أ] دائمًا يَحرِصون على العلم، ويُوصُون باتباعه، لما علموا في الخروج عن العلَم من المهالك والمتالف. والله أعلم.

وقد سئل أبو علي الرُّوذْباري عن السماع فقال: ليتنا تخلَّصنا منه رأسًا برأسٍ (٢). وهذا الكلام من مثل هذا الشيخ الذي هو من أجلّ مشايخ القوم الذين صحبوا الجنيد وطبقته، يدل على أن حضورَ الرجل منهم (٣) للسماع لا يدل على مذهبه واعتقاده، وهذا مما غَلِطَ فيه كثير منهم، فإن كثيرًا من المشايخ الذين نُقِل عنهم إنما نُقِل عنهم حضوره، وذلك لا يدل على أن مذهبهم إباحته فضلًا عن استحبابه، فإن أحدهم قد يكون حضره معتقدًا إباحته، وقد يحضره معتقدًا كراهته، وقد يعتقد تحريمه ويحضره، فإنه ليس بمعصوم من المعصية. وقد يتأول وقد يُقلِّد من يراه جائزًا، وقد يعتقد التوبة منه بعد حضوره، وقد يأتي بحسناتٍ ماحية لذنبه، فمن أين لكم أن مجرد حضور الشيخ (٤) له يدلُّ على مذهبه واعتقاده وإباحته فضلًا عن استحبابه؟


(١) ع: "التصوف".
(٢) انظر "الرسالة القشيرية" (ص ٥١٠).
(٣) "منهم" ليست في ع.
(٤) ع: "السماع".