للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِهَا، وَالْوِلَايَةُ مِنْ وِلَايَةِ نِكَاحٍ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا السَّفِيهُ فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ، وَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةً لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ، وَلَا تَعْيِينَ مِنْهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ. أَمَّا الْمَالِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ وَالرُّشْدِ صَحَّ التَّصَرُّفُ مِنْ حِينَئِذٍ. وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ إمَّا بِكَمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً تَحْدِيدِيَّةً وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ، أَوْ بِإِمْنَاءٍ لِآيَةِ: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: ٥٩] وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَوَقْتُ إمْكَانِ الْإِمْنَاءِ كَمَالُ تِسْعِ سِنِينَ قَمَرِيَّةٍ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّ السِّنِينَ فِيهِ تَقْرِيبِيَّةٌ. أَوْ حَيْضٌ فِي حَقِّ أُنْثَى بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا حَبَلُهَا فَعَلَامَةٌ عَلَى بُلُوغِهَا بِالْإِمْنَاءِ فَلَيْسَ بُلُوغًا لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ، فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ وَالرُّشْدُ يَحْصُلُ ابْتِدَاءً بِصَلَاحِ دِينٍ وَمَالٍ حَتَّى مِنْ كَافِرٍ كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦] بِأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَسْلُوبَ الْعَقْلِ صَارَ زِنَاهُ صُورِيًّا لَا حَقِيقِيًّا، لِأَنَّ زَوَالَ عَقْلِهِ صَيَّرَ زِنَاهُ كَوَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ لِعَدَمِ قَصْدِهِ.

وَإِذَا وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِإِرْضَاعِهِ كَأَنْ أَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ شَخْصًا سَنَةً دُونَ حَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ بِشَرْطِهِ؛ ز ي. وَيَغْرَمُ بَدَلَ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ وَأَتْلَفَ صَيْدًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعَبَّرَ بِالسَّلْبِ دُونَ الْمَنْعِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَسْلُبُهَا؛ وَلِهَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ نِيَابَةً عَنْهُ دُونَ الْأَبْعَدِ اهـ س ل. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالسَّفَهُ، وَقَوْلُهُ " بِالْبُلُوغِ إلَخْ " لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ قَوْلُهُ: (مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ زَوَالِ الْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (جَمِيعِ الْوَلَدِ) نُسْخَةُ الْبَدَنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِإِمْنَاءٍ) وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ كَأَنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَأَمْسَكَهُ. وَخَرَجَ بِالْإِمْنَاءِ غَيْرُهُ كَنَبَاتِ عَانَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ لِحْيَةٍ أَوْ ثِقَلِ صَوْتٍ أَوْ نُهُودِ ثَدْيٍ، فَلَا بُلُوغَ بِشَيْءٍ مِنْهَا؛ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (مَا يَرَاهُ النَّائِمُ) مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ،. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، ز ي. قَالَ م ر: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ. وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى " كَمَالِ " فِي قَوْلِهِ " إمَّا بِكَمَالِ ".

قَوْلُهُ: (بِالْبُلُوغِ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَضْعِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّ تَصَرُّفَهَا صَحِيحٌ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ، ع ش.

قَوْلُهُ: (بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ وَلَحْظَتَيْنِ، شَرْحُ م ر

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ بُلُوغِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ لَا إنْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يُحْكَمُ بِالِاتِّضَاحِ بِهِ ثُمَّ بِغَيْرِهِ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ؛ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر

قَوْلُهُ: (وَالرُّشْدُ) هُوَ لُغَةً نَقِيضُ الضَّلَالِ وَاصْطِلَاحًا صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ. وَلَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ أَوْ بِالسِّنِّ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ،. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) أَيْ وَقْتَ الْبُلُوغِ فَهُوَ مِنْهُ، وَأَمَّا دَوَامًا فَيَكْفِي فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ؛ مَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ " فَهُوَ " أَيْ الرُّشْدُ، قَوْلُهُ " وَمِنْهُ " أَيْ الْبُلُوغِ، وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ: قَوْلُهُ " ابْتِدَاءً " أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ غَيْرُ صَالِحٍ اهـ وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ صَلَاحَ الْمَالِ فَقَطْ حَتَّى فِي الِابْتِدَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>